من سورة الطلاق
صدقة جارية
تفسير اية رقم ١ من
سورة الطلاق
﷽
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُوا۟ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُیُوتِهِنَّ وَلَا یَخۡرُجۡنَ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن یَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِی لَعَلَّ ٱللَّهَ یُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ أَمۡرࣰا﴾ [الطلاق ١]
تَفْسِيرُ سُورَةِ الطَّلَاقِوَهِيَ مَدَنِيَّةٌ.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *خُوطب النَّبِيُّ ﷺ أَوَّلًا تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا، ثُمَّ خَاطَبَ الْأُمَّةَ تَبَعًا فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوَابِ بْنِ سَعِيدٍ الْهُبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَفْصَةَ، فَأَتَتْ أَهْلَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ فَقِيلَ لَهُ: رَاجِعْهَا فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَهِيَ مِنْ أَزْوَاجِكَ وَنِسَائِكَ فِي الْجَنَّةِ.وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ بَشَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ ... فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا(١) وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا.وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَعُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عمرُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ: "لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ"(٢)هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هاهنا وَقَدْ رَوَاهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَمُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: "فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ"(٣)وَرَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ وَالْمَسَانِيدِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ(٤) وَمَوَاضِعُ اسْتِقْصَائِهَا كتب الأحكام.وأمَسُّ لَفْظٍ يورَد هَا هُنَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ طَرِيقِ ابْنُ جُرَيْج: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ -مَوْلَى عَزة يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ-وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ ذَلِكَ: كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فَقَالَ: طَلَّق ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لِيُرَاجِعْهَا" فَردَّها، وَقَالَ: "إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ يُمْسِكْ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيِّ ﷺ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾(٥) .وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ قَالَ: الطُّهْرُ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ(٦) وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وقَتَادَةَ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْران، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ مِثْلُ ذَلِكَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ.وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ قَالَ: لَا يُطَلِّقْهَا وَهِيَ حَائِضٌ وَلَا فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ، وَلَكِنْ: تَتْرُكُهَا حَتَّى إِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً.وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ الْعِدَّةُ: الطُّهْرُ، وَالْقُرْءُ الْحَيْضَةُ، أَنْ يُطَلِّقَهَا حُبْلَى مُسْتَبِينًا حَمْلَهَا، وَلَا يُطَلِّقَهَا وَقَدْ طَافَ عَلَيْهَا، وَلَا يَدْرِي حُبْلَى هِيَ أَمْ لَا.وَمِنْ هَا هُنَا أَخَذَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الطَّلَاقِ وَقَسَّمُوهُ إِلَى طَلَاقِ سُنَّةٍ وَطَلَاقِ بِدْعَةٍ، فَطَلَاقُ السُّنَّةِ: أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، أَوْ حَامِلًا قَدِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا. وَالْبِدْعِيُّ: هُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ، أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ، وَلَا يَدْرِي أَحَمَلَتْ أَمْ لَا؟ وَطَلَاقٌ ثَالِثٌ لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ، وَهُوَ طَلَاقُ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ، وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَتَحْرِيرُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مُسْتَقْصًى فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
* * *وَقَوْلُهُ ﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾ أَيِ: احْفَظُوهَا وَاعْرِفُوا ابْتِدَاءَهَا وَانْتِهَاءَهَا؛ لِئَلَّا تَطُولَ الْعِدَّةُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَتَمْتَنِعَ مِنَ الْأَزْوَاجِ. ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾ أَيْ: فِي ذَلِكَ.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ﴾ أَيْ: فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ لَهَا حَقُّ السُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ مَا دَامَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ، فَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخْرِجَهَا، وَلَا يَجُوزَ لَهَا أَيْضًا الْخُرُوجُ لِأَنَّهَا مُعْتَقَلَةٌ(٧) لِحَقِّ الزَّوْجِ أَيْضًا.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ أَيْ: لَا يَخْرُجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ إِلَّا أَنْ تَرْتَكِبَ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً مُبَيِّنَةً، فَتَخْرُجَ مِنَ الْمَنْزِلِ، وَالْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ تَشْمَلُ الزِّنَا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ، وعِكْرمة، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو قِلابة، وَأَبُو صَالِحٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَعَطَاءٌ الخراساني، والسُّدِّي، وسعيد بن أبي هلال، وغيرهم وتشمل ماذا(٨) نشزَت الْمَرْأَةُ أَوْ بَذَت عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَآذَتْهُمْ فِي الْكَلَامِ وَالْفِعَالِ، كَمَا قَالَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَغَيْرُهُمْ.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ أَيْ: شَرَائِعُهُ وَمَحَارِمُهُ ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ﴾ أَيْ: يَخْرُجُ عَنْهَا وَيَتَجَاوَزُهَا إِلَى غَيْرِهَا وَلَا يَأْتَمِرُ بِهَا ﴿فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ أَيْ: بِفِعْلِ ذَلِكَ.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ أَيْ: إِنَّمَا أَبْقَيْنَا الْمُطْلَّقَةَ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ، لَعَلَّ الزَّوْجَ يَنْدَمُ عَلَى طَلَاقِهَا وَيَخْلُقُ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ رَجْعَتَها، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَيْسَرَ وَأَسْهَلَ.قَالَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ قَالَ: هِيَ الرَّجْعَةُ. وَكَذَا قال الشعبي، وعطاء، وقتادة، والضحاك، ومقاتل ابن حيان، والثوري. ومن هاهنا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنَ السَّلَفِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ، كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ السُّكْنَى لِلْمَبْتُوتَةِ، وَكَذَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَاعْتَمَدُوا أَيْضًا عَلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّةِ، حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَبُو عَمْرُو بْنُ حَفْصٍ آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، وَكَانَ غَائِبًا عَنْهَا بِالْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ -[يَعْنِي](٩) نَفَقَةً-فَتَسَخَّطته فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فقال: "لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ". وَلِمُسْلِمٍ: وَلَا سُكْنَى، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: "تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ" الْحَدِيثَ(١٠)وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِلَفْظٍ آخَرَ، فَقَالَ:حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَجَالِدٌ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، فَحَدَّثَتْنِي أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، فَبِعْثَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَرية. قَالَتْ: فَقَالَ لِي أَخُوهُ: اخْرُجِي مِنَ الدَّارِ. فَقُلْتُ: إِنَّ لِي نَفَقَةً وَسُكْنَى حَتَّى يَحُلَّ الْأَجَلُ. قَالَ: لَا. قَالَتْ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: إِنَّ فُلَانًا طَلَّقَنِي، وَإِنَّ أَخَاهُ أَخْرَجَنِي وَمَنَعَنِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ، [فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ](١١) فَقَالَ: "مَا لَكَ وَلِابْنَةِ آلِ قَيْسٍ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَخِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا جَمِيعًا. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "انْظُرِي يَا بِنْتَ آلِ قَيْسٍ، إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى. اخْرُجِي فَانْزِلِي عَلَى فُلَانَةٍ". ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ يُتحَدّث إِلَيْهَا، انْزِلِي عَلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ أَعْمَى لَا يَرَاكِ" وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ(١٢)وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّارُ التُّسْتَريّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أُخْتِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْقُرَشِيِّ، وَزَوْجُهَا أَبُو عمرو بن حفص بن المغيرة الْمَخْزُومِيُّ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ أَرْسَلَ إِلَيَّ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ فِي جَيْشٍ إِلَى الْيَمَنِ بِطَلَاقِي، فَسَأَلْتُ أَوْلِيَاءَهُ النَّفَقَةَ عَلَيَّ وَالسُّكْنَى، فَقَالُوا: مَا أَرْسَلَ إِلَيْنَا فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا أَوْصَانَا بِهِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ أَرْسَلَ إِلَيَّ بِطَلَاقِي، فَطَلَبْتُ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَوْلِيَاؤُهُ: لَمْ يُرْسِلْ إِلَيْنَا فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، فَإِذَا كَانَتْ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى".وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ(١٣) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الصُّوفِيِّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْن، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَهُوَ الْأَحْمَسِيُّ البَجَلي الْكُوفِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: وَهُوَ شَيْخٌ، يَرْوِي عَنْهُ(١٤)
(١) تفسير الطبري (٢٨/٨٥)
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٩٠٨) .
(٣) صحيح البخاري برقم (٥٢٥١) وصحيح مسلم برقم (١٤٧١) .
(٤) المسند (٢/٢٦، ٤٣، ٥١، ٥٤، ٥٨) وسنن أبي داود برقم (٢١٧٩) وسنن النسائي (٦/١٣٨) وسنن ابن ماجة برقم (٢٠٢٣) .
(٥) صحيح مسلم برقم (١٤٧١٩) .
(٦) رواه الطبري في تفسيره (٢٨/٨٣) .
(٧) في أ: "لأنها متعلقة".
(٨) في م، أ: "وتشمل ما إذا".
(٩) زيادة من م.
(١٠) صحيح مسلم برقم (١٤٨٠) .
(١١) زيادة من المسند.
(١٢) المسند (٦/٣٧٣) .
(١٣) المعجم الكبير (٢٤/٣٨٢) وسنن النسائي (٦/١٤٤) .
(١٤) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٤/٧٤) .
تعليقات
إرسال تعليق