بقلم الدكتور
الطبيب محمد نزار الدقر
تحريم لحم الخنزير
أورد النص القرآني تحريم لحم الخنزير في أربع مواضع :
1ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ
بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(البقرة:173)
2ـ و قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ
إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا
بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ
دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:3)
3ـ و قوله :( قُلْ لا
أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا
أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ
فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ
اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(الأنعام:145)
4ـ و قوله : (إِنَّمَا
حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا
أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:115) .
تفيد معاجم اللغة بأن الرجس يعني القذر والفعل القبيح والعمل
المؤدي إلى العذاب، وفي تفسير البيضاوي : الرجس القذر وسمي بذلك لتعوده أكل
النجس، أو خبيث مخبث.
يقول القرطبي (1): لا خلاف أن جملة الخنزير محرمة إلا الشعر
فإنه يجوز الخرازة به فقد روي أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن
الخرازة بشعر الخنزير فقال: " لا بأس بذلك " .
ذكره خوير منداد من رواية الإمام الدميري، قال " ولأن
الخرازة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده كانت موجودة ظاهرة ولا
نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكرها ولا أحد من الأئمة بعده "
.
يقول الدميري(2) نقلاً عن الإمام الماوردي : الضمير في
قوله" فإنه رجس" عائد إلى الخنزير لأنه أقرب مذكور.
وقال الفخر الرازي (3) : أجمعت الأمة الإسلامية على أن الخنزير
بجميع أجزائه محرم وإنما ذكر الله تعالى اللحم لأن معظم الانتفاع يتعلق به
" .
ويؤكد الإمام أبو الفرج الجوزي(4) هذا المعنى : " فأما
لحم الخنزير، فالمراد جملته، وإنما خص اللحم لأنه معظم المقصود".
وقد ورد في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لعب النردشير فكأنما صبغ يده في
لحم خنزير ودمه " .
قال ابن كثير (5) فإذا كان هذا التنفير لمجرد اللمس فكيف
التهديد والوعيد : من أكله والتغذي به ، وفيه دلالة على شمول التحريم لجميع
أجزائه من لحم وشحم وغيره . ويذكر ابن كثير أن الخنزير يشمل المستأنس منه
والوحشي (البري) .
ويرى د. عبد الحافظ حلمي محمد (6) أن لحم الخنزير ينفرد من بين
جميع اللحوم المذكورة في آيات التحريم بأنه حرام لذاته، أي لعلة مستقرة فيه،
أو وصف لاصق به، أم اللحوم الأخرى فهي محرمة لعلة عارضة عليها، فالشاة مثلاً
إذا ذكيت فلحمها حلال طيب ولا تحرم إلا إذا كانت ميتة أو ذبحت لغير الله .
ونحن نؤكد أن المؤمن ملتزم حين يأتيه الأمر أو النهي من الله نجتهد في تفهم
علة الأمر والنهي، لكن تحريم لحم الخنزير بالذات تحريم معلل " فإنه رجس
" فاجتهادنا محصور إذن في محاولة لفهمنا لخبث ذلك المحرم ورجاسته حتى
نزداد شكراً لله على نعمائه.
وينقل الإمام السيوطي حكم من أكل لحم خنزير (7) قال : أخرج عبد
الرزاق في المصنف عن قتادة قال : إذا أكل لحم الخنزير عرضت عليه التوبة، فإن
تاب، وإلا قتل .
ويعرض د. فاروق مساهل(8) للمشكلة التي تواجه أبناء المسلمين في
ديار الغرب في تلوث الأواني بالخنزير النجس حين يقيمون مع أناس في منزل
مشترك أو في المطاعم والأماكن العامة، وهؤلاء بطبعية الحال يأكلون لحم
الخنزير ويقلون بشحمه.ويجد الكاتب الحل في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
حينما سأله أبو ثعلبة الخشني : يا رسول الله إنا نجاور قوماً من أهل الكتاب
وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر فقال صلى الله عليه
وسلم : " إن وجدتم غيرها فكلوا واشربوا، وإن لم تجدوا غيرها
فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا " رواه أبو داود .
وحول أهمية تحريم لحم الخنزير شهادة للطبيب الألماني هانس
ريكفينغ إذ يقول (9) : لابد أن أشير إلى التراث القديم عند بعض
الأمم حيث كان للتعاليم التي أرساها النبيان محمد وموسى أكبر الأثر في
التزام المسلمين واليهود بقوانين الله الطبيعية.
ففي إفريقيا حيث يعيش المسلمون وغيرهم في ظروف مناخية واحدة،
نجد بالمقارنة، أن الشعوب الإسلامية تتمتع بصحة جيدة لأن لحم الخنزير محرم
في شريعتها، بينما نجد أن الشعوب الأخرى التي تعتمد النظام الغربي في
تغذيتها تصاب بأمراض ترتبط كل الارتباط بتناولها لحم الخنزير.
ويتابع فيقول : في دراسة جرت في الهيمالايا حيث تعيش قبائل
الهونزا التي اعتنق معظم أفرادها الإسلام ويمتنعون عن أكل لحم الخنزير ، وجد
أنهم يتمتعون بصحة جيدة ومتوسط أعمارهم مرتفع ويعملون حتى سن متقدمة لتحصيل
أرزاقهم في حين أن القبائل التي تجاورهم من غير المسلمين تصاب بعدد من
الأمراض الشائعة بينهم لتناولهم لحم الخنزير، ومتوسط أعمارهم وفعاليتهم أقل
بكثير من القبائل المسلمة .
وهكذا فإني ارى أن الكتب السماوية التي جاء بها محمد وموسى كان
معها الحق، كل الحق، في تحريم تناول لحم الخنزير.
ولكن ماذا نعرف عن الخنزير:
الخنزير حيوان لاحم عشبي تجتمع فيه الصفات السبعية والبهيمية،
فهو آكل كل شيء، وهو نهم كانس كنس الحقل والزريبة فيأكل القمامات والفضلات
والنجاسات بشراهة ونهم، وهو مفترس يأكل الجرذ والفئران وغيرها كما يأكل الجيف حتى جيف أقرانه(10،11).
يقول الإمام الدميري(2) : إن الخنزير شرس الطباع شديد الجماع
شبق تكتنف حياته الجنسية الفوضى ولا يخصص لنفسه أنثى معينة.
ويروي د. هانس هايترش قصة طريفة جرت في أحد المشافي العسكرية
حيث كانت هناك حظيرة للخنازير ملحقة بالمشفى وتعيش على النفايات والفضلات ويذبح
أحدها كل شهر طعاماً للمرضى، والعاملين في المشفى. وفي أحد الأيام تدافعت
الخنازير على الفرن المملوء بالضمادات المضمخة بالقيح والمهيأة للحرق
فاللتهمتها.
وتوفيراً للعلف قررت إدارة المشفى من ثم أن يصبح نصف الضمادات
المبللة بالقيح طعاماً للخنازير، وهكذا أصبحت دماء تلك الخنازير مفعمة
بالسموم والذيفانات. ولنتصور الآن مرضى هذا المشفى وأكثرهم مصابون بنواسير
كعقابيل للكسور الناجمة عن الطلقات النارية، إنهم يغذون بلحم خنزير مشبع
بالسموم، فبدلاً من الشفاء يولد عندهم هذا اللحم هجمة جديدة من الالتهاب
والتقيح.
ومن هنا نفهم كيف أن معاني الرجس قد استقر في أذهاننا التصاقها
جميعاً بالخنزير، فهو لا يكاد يرى إلا وأنفه في الرغام. وإن نفورنا وتقززنا
من هذا الحيوان ليس قاصراً عليناـ نحن المسلمين ـ ففي كل من أوربا وأمريكا،
ورغم أن تجارة الخنازير عندهم وتربيتها رائجة، ويتخذون منه دمى لأطفالهم ومع
ذلك فأسماؤه، على اختلاف لغاتهم، تعد سبة لا يقذفون بها إلا كل زري ذميم ..
وتثبت الأبحاث أن الخنزير(8) يأكل الجيف والقاذورات وحتى
فضلاته ولو ربي في أنظف الحظائر، كما تطالعنا الأنباء من حين لآخر عن افتراس
الخنازير للأطفال الصغار، ففي مرة غفلت فيها إحدى الأمهات عن ابنها الصغير
الذي تسلل إلى حظيرة الخنازير، والتي أسرعت بدورها لتمزيقه والتهامه دون أن
تترك قطعة واحدة منه، وهذه النزعة لا توجد إلا في الحيوانات المتفرسة
.
الأضرار الصحية لتناول لحم الخنزير
الفرق بين لحم الخنزير و غيره من اللحوم :
يحتوي لحم الخنزير على كمية كبيرة من الدهون و يمتاز باندحال
الدهن ضمن الخلايا العضلية في اللحمة علاوة على تواجدها خارج الخلايا في
الأنسجة الضامة بكثافة عالية، في حين أن لحوم الأنعام تكون الدهون فيها
مفصولة عن النسيج العضلي ولا تتوضع ضمن خلاياه وإنما تتوضع
خارج الخلايا و في الأنسجة الضامة(12) .
و قد أثبتت الدراسات العلمية(10) أن الإنسان عندما يتناول دهون
الحيوانات آكلة العشب فإن دهونها تستحلب في أمعائه و تمتص، وتتحول في جسمه
إلى دهون إنسانية، أما عندما يأكل دهون الحيوانات آكلة اللحوم أو الخنزير
فإن استحلابها عسير في أمعائه وإن جزيئات الغليسريدات الثلاثية لدهن الخنزير
تمتص كما هي دون أن تحول وتترسب في أنسجة الإنسان كدهون حيوانية أو خنزيرية
.
ومن المدهش حقاً ملاحظة د. هانس هايترش(9) أن الذين يأكلون
شحم الخنزير من منطقة ما من جسمه فإنها تترسب في المنطقة ذاتها عند الآكل
وهكذا وجد أن النساء اللواتي يأكلن فخذ لحم الخنزير يشاهد لديهن تشوه
واضح في الفخذين والإليتين .
و الكولسترول الناجم عن تحلل لحم الخنزير في البدن يظهر في
الدم على شكل كولسترول جزئي كبير الذرة يؤدي بكثرة إلى ارتفاع الضغط الدموي
وإلى تصلب الشرايين و هما من عوامل الخطورة التي تمهد لاحتشاء العضلة
القلبية.
و قد وجد البروفيسور Roff 12 أن
الكولسترول المتواجد في خلايا السرطان الجوالة يشابه الكولسترول المتشكل عند
تناول لحم الخنزير
و لحم الخنزير غني بالمركبات الحاوية على نسب عالية من
الكبريت(10) و كلها تؤثر على قابلية امتصاص الأنسجة الضامة للماء كالإسفنج
مكتسبة شكلاً كيسياً واسعاً و هذا يؤدي إلى تراكم المواد المخاطية في
الأوتار و الأربطة والغضاريف ويجعلها رخوة مما يؤهب للإصابة بالتهاب المفاصل
التنكسي وخاصة المفاصل بين الفقرات، و إلى تنكس في العظام .
والأنسجة الحاوية على الكبريت تتخرب بالتعفن والتخمر منتجة
روائح كريهة فواحة لانطلاق غاز كبريت الهدروجين.
وقد لوحظ أن الآنية الحاوية على لحم الخنزير، على الرغم
من أنها محكمة السد إلا أنه يتعين إخراجها من الغرفة بعد عدة أيام نظراً
للروائح الكريهة النتنة وغير المحتملة الناجمة عنها .
و بالمقارنة فإن لحوماً أخرى مختلفة خضعت لنفس التجربة ، فإن
لحم البقر كان أبطأ تعفناً من لحم الخنزير ولم تنطلق منه تلك الروائح
النتنة، ويحتوي لحم الخنزير على نسبة عالية من هرمون النمو والتي لها تأثير
أكيد للتأهب للإصابة بخامة النهايات علاوة على تأثيره في زيادة نمو البطن (
الكرش) وزيادة معدل النمو و خاصة نمو الأنسجة المهيأة للنمو والتطور
السرطاني.
و حسب دراسات Roff فإن تلك الوجبة المسائية
الدسمة الحاوية على لحم الخنزير تعتبر الأساس في التحول السرطاني للخلايا
لاحتوائها على هرمون النمو علاوة على أثرها في رفع كولسترول الدم .
كما تؤكد أبحاث د.هانس هايترش(9) احتواء لحم الخنزير على كمية
عالية من الهستامين تؤهب عند آكليها لحدوث الأمراض التحسسية الجلدية مثل
الأكزيمة والشرى والتهاب الجلد العصبي وغيرها بكثرة.
وقد وجد أن الشرى والحكة المعندة عند آكلي لحم الخنزير تتلاشى
عند الامتناع عن أكله بشكل مطلق، بما في ذلك السجق المصنوع منه.
الأمراض التي ينقلها الخنزير
لقد حرمت الشريعة الإسلامية لحم الخنزير، و نفذها المتدينون
امتثالاً لأمر الله الخالق سبحانه و طاعة له دون أن يناقشوا العلة من
التحريم ، لكن العلماء المحدثين توصلوا إلى نتائج مدهشة في هذا المجال(12) :
أليس من المدهش أن نعلم أن الخنزير مرتع خصب لأكثر من 450 مرضاً و بائياً ،
و هو يقوم بدور الوسيط لنقل 57 منها إلى الإنسان، عدا عن الأمراض التي
يسببها أكل لحمه من عسرة هضم و تصلب للشرايين و سواها.
و الخنزير يختص بمفرده بنقل 27 مرضاً وبائياً إلى
الإنسان و تشاركه بعض الحيوانات الأخرى في بقية الأمراض لكنه يبقى
المخزن والمصدر الرئيسي لهذه الأمراض : منها الكلب الكاذب و داء وايل و
الحمى اليابانية والحمى المتوهجة و الحميرة الخنزيرية غيرها.
هذه الأوبئة يمكن أن تنتقل من الخنزير إلى الإنسان بطرق مختلفة
(10) :
الأول : عن طريق مخالطته أثناء تربيته أو التعامل مع منتجاته (وتعتبر أمراضاً مهنية) وهي لا تقل عن 32 وباء تصيب في
الأغلب، عمال الزرائب والمجازر والبيطريون منها أنواع من الفطور العميقة
والزحار والديدان والزحار الزقي والحمى اليابانية الدماغية والتهاب الفم
البثري الساري.
الثاني : عن طريق تلوث الطعام والشراب بفضلاته وهي لا تقل عن 28 مرضاً منها الزحار والأسكاريس والانسمام
الوشيقي والديدان القنفذية والكبدية والمفلطحة وشوكية الرأس والدودة المسلحة
الخنزيرية والشعيرات الحلزونية وغيرها.
الثالث: عن طريق تناول لحمه ومنتجاته وهي أكثر من 16 مرضاً
منها داء المبيضات ـ داء الحويصلات الخنزيرية، الحمى المالطية ـ الدودة
الكبدية وداء وايل والدودة الشعرية الحلزونية والشريطية والسل وغيرها .وهذا
يؤكد ما ذهب إليه العالم كرول من أن الحظر المفروض على المسلمين بعدم ملامسة
الخنازير ليس بحاجة إلى تبرير(6).
طفيليات الخنزير
رأينا كيف أن الخنزير يأوي في بدنه عدداً كبيراً من
الطفيليات وأكثر من 50 نوعاً منها يصيب الإنسان (6) فهي داخلة فيما يسمى بالأمراض
الحيوانية البشرية Zoonosis ويمكن أن نقسمها
ضمن المجموعات التالية :
الأمراض الفيروسية والجرثومية :
منها داء الكلب والحمى الصفراء والمالطية والسل، لكن أهمها ما
يخص الخنزير بنقله وهي :
1. الالتهاب السحائي المخي وتسمم الدم الناجم عن الإصابة بالمكورات السبحية الخنزيرية المكتشفة عام
1968 والتي فسرت الحالات الغامضة من الوفيات التي حصلت حينئذ في الداينمارك
وهولندا(8).
وقد تبين أن هذه الجراثيم شديدة
الفتك بالإنسان مسببة التهاب السحايا المغلفة للمخ وبإفراز سموم معينة في دم
المصاب، والذين أصيبوا بهذا المرض ونجو من الموت بعد علاج شاق أصيبوا بالصمم
الدائم وفقدان التوازن.
2. جائحات الكريب(12) حيث يؤكد
د.هانس هايترش إن فيروس الكريب الذي ينقله الخنزير هوالعامل الأكثر سمية
وينقل عن معهد الأبحاث الفيروسية (9) في لندن أن فيروس الكريب يتوضع بكثرة
في رئة الخنازير التي تدخل في صنع السجق، وتمكن الفيروسات في الأماكن
الحيوية للبدن إلى أن تتاح لها الفرصة في ظروف مواتية من البرد وقلة الشمس
لتأتي بشكل جائحة انتانية كالتي حدثت في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية
حينما تناول الشعب الألماني هدايا الولايات المتحدة من اللحوم ومشتقاتها
مصنوعة من لحم الخنزير.
3. انفلونزا الخنزير (8) ينتشر هذا
المرض على هيئة وباء يصيب الملايين من الناس ومن مضاعفاته الخطيرة التهاب
المخ، وتضخم القلب والوهط الدوائي، وآخر جائحة أصابت العالم عام 1918 حيث
أصيب بها أكثر من 20 مليوناً من البشر .
4. الحمرة الخنزيرية (11) وينتقل من الخنزير إلى اللحامين والدباغين وسواهم وتكون بشكل
لوحة محمرة مؤلمة جداً، وحارقة على الأيدي مع أعراض عامة من ترفع حروري
وقشعريرة والتهاب العقد والأوعية اللمفاوية.
الأمراض الناجمة عن الحيوانات الأوالي (6ـ11):
يعتبر الخنزير العائل الخازن لنوعين من المثقبات Trypanosoma أولاهما هو طفيلي داء النوم الإفريقي
وثانيهما يحدث داء شاغاس المستوطن في أمريكا الجنوبية، كما يعتبر الخنزير
العائل الأكبر لنوع من الزحار الأميبي، لكن أخطر هذه الطفيليات هي المتحول
الأميبي الهدبي المسمى بالزقيات الكولونية Balantidium Coli يتطفل في الأمعاء
الغليظة للخنزير والقردة، لكن فرص الاتصال النادرة بين القردة والإنسان تجعل
الخنزير المصدر الوحيد لعدوى الإنسان وإصابته بما يسمى بالزحار الزقي.
والزحار الزقي من الأمراض المهنية التي يصاب بها العاملون على
تربية الخنازير أو زبحها أو الاتجاه بها حيث تتلوث أيديهم بمفرغات الخنزير
ومنها تنتقل بالطعام إلى أمعائهم فيصاب بحالات من الإسهال الشديد والمتكرر
مع مغص ودوار وهزال أحياناً ويمتد الأمر لظهور تقرحات في الأمعاء، قد تثقب
وقد تؤدي إلى وفاة المصاب.
الأمراض الناجمة عن الحشرات والحلم(6):
حيث يعتبر الخنزير عائلاً لعدد من الطفيليات الخارجية للإنسان
منها أنواع من البعوض والبراغيث والقمل، ومنها ذبابة تسي تسي الناقلة لطفيلي
داء النوم وأنواع من ذباب الجلد تصيب يرقاتها الفم والعين والأنف والجروح
المكشوفة ومنها أنواع من الحلم قريبة من طفيلي الجرب.
الأمراض الناجمة عن الديدان المفلطحة :
1.
صنف المثقوبات : التي تصيب الدم حيث
يصاب الخنزير بديدان البلهارسيا اليابانية والتي تنزل بويضاتها مع برازه،
كما يصاب بنوع من المثقوبات يصيب الرئتين وتنتقل للإنسان في كثير من بلدان العالم، أما عن المثقوبات المعوية والكبدية فللخنزير
منها نصيب غير قليل وأهمها:
المتوارقة البسكية Fasciolopsis Buski من الديدان المعوية ـ الكبدية وهي تنتشر في آسيا من الصين إلى
البنغال وتعيش الديدان البالغة في الأمعاء محدثة التهابات موضعية ونزوف
وتقرحات في جلد المعي الدقيق مع إسهال مزمن وفقر دم وقد تحدث استسقاء البطن
مؤدية إلى الوفاة.
ومنها الدودة الكبدية الصينية Chlonorihis Sineasis وتنتشر في بلدان الشرق الأقصى
كاليابان والصين، والخنزير العائل الرئيسي بها. تعيش هذه الديدان في القنوات
الصفراوية وإذا كثرت أعدادها عند المصاب أحدثت تضخماً في الكبد وإسهالاً
مزمناً ويرقاناً شديداً ينتهي بالوفاة.
2.
صنف الديدان الشريطية(6) : ويصيب الخنزير منها نوعان : الشريطية العوساء العريضة D.Latum ويصاب كالإنسان
بالطور البالغ منها. والنوع الأهم هو الشريطية المسلحة Taenia Solium والمسماة
الدودة الوحيدة المسلحة وهي تعيش في طورها البالغ في أمعاء الإنسان، طولها
من 2ـ3 أمتار، لها رأس أصغر من الدبوس مزود بأربع ممصات ويطوق قمته طوق من
الأشواك، يلي الرأس عنق قصير ينمو منه باستمرار قطع أو أسلات صغيرة تنمو
كلما بعدت عن الرأس مكونة جسم الدودة الذي يشبه الشريط والذي يحتوي أكثر من
1000 قطعة وتمتلئ القطع الناضحة بآلاف البيوض، حتى تصبح في النهاية مجرد كيس
مثقل بذلك البيض الوبيل والذي ينمو في كل واحدة منها جنين كروي مسدس
الأشواك.
وتنفصل الأسلات النهائية لتخرج مع براز المصاب،وتعيش في التربة الرطبة زمناً
طويلاً حتى يأتي خنزير فيلتهمها مع ما فيها من بيض وفي أمعاء الخنزير تعمل
عصاراته الهاضمة على حل غلاف هذه البيوض لتنطلق منها الأجنة مخترقة جدار
الأمعاء إلى الدورة الدموية للحيوان، وبواسطة الدم تستقر في عضلات الخنزير
مكونة حويصلات كروية أو بيضاوية بطول 6ـ 18 ملم، في كل منها يرقانة لها رأس
صالح لكي يكون دودة جديدة كاملة ويحدث هذا إذا ما تناول الإنسان من اللحم
المصاب دون أن ينضج تماماً لقتل ما فيه من تلك اليرقانات .
والخنزير هنا يقوم بدور العائل
الوسيط والذي يعتبر المصدر الوحيد لعدوى البشر.
وقد يحدث أن يحل الإنسان محل
الخنزيرليصبح العائل الوسيط في دورة تنتهي بطريق مسدود وذلك عندما يصدف أن
يبتلع الإنسان لطعاماً ملوثاً بتلك الأسلات (أو بالبيض)، سواء من فضلاته هو
أو من مصدر خارجي، فيفقس البيض في أمعائه وتنطلق، من ثم ، الأجنة مسدسة
الأشواك في أمعائه مخترقة جدارها إلى دورته الدموية وتجول مع الدم لتستقر
بأي جزء من أعضائه سواء في العضلات أو الرئتين أو الكبد أو القلب أو الدماغ،
وهناك مشكلة حويصلات (أو كيسات ) ومؤدية إلى إصابة الإنسان بما يسمى داء
الحويصلات الخنزيرية Cysticercosis وكلما كان عددها
في الجسم كبيراً، وكان العضو الذي استقرت فيه عضواً هاماً كلما كان خطراً
عظيماً .
ونمو هذه الحويصلات في المخ يؤدي
إلى الإصابة بحالات من الصرع، وإلى ظهور شلل عضوي جزئي، مع دوار واضطرابات
عصبية حسية .
كما ينطلق منها إلى الدم ذيفانات
سامة، وقد يؤدي إلى الموت، علماً بأنه لم يعرف لهذا المرض حتى اليوم أي علاج
ناجح.
أضعط على الرابط وشاهد مقطع
تشريحي لجسم الخنزير :
صحيح، كما يقول المدافعون عن
الخنزير، أن البقر يصاب بدودة مشابهة هي الشريطية العزلاء، وأن الإنسان عند
أكله للحم البقر المصاب يصاب بتلك الدودة بالطور البالغ مع أعراض مشابهة لما
تحدثه الشريطية المسلحة (الخنزيرية) لكن ولو ابتلع بيضها وهذا فرق هام
للغاية إذ أن داء الحويصلات عند الإنسان ينجم فقط عن دودة الخنزير الشريطية
علماً بأنه مرض خطير للغاية ولا مقابل له في دودة البقر.
الديدان الشوكية الرأس : وهي شائعة في الخنزير واكتشفت بين مربيه بين فلاحي وادي
الفولغا في جنوب روسيا .
الديدان الخيطية أو الأسطوانية : منها ثعبان البطن أو الأسكاريس وقد أثبت Smyth أن الخنزير يساعد
على انتشارها ومنها الديدان شعرية الرأس، لكن أشدها خطراً على بني البشر هي الدودة
الشعرية الحلزونية Trichinella Spiralis (6_12).
تعيش الديدان البالغة في أمعاء
الإنسان والخنزير وهي ديدان قصيرة طولها من 2_4 ملم تتغلغل الإناث المثقلة
بالبيوض بين الزغابات المعوية لتضع صغارها (اليرقانات) هناك، فهي لا تضع
بيضاً، إذ يفقس البيض وهو في بطنها، وتخترق اليرقانات جدر الأمعاء إلى الدم
وتطوف معه لتستقر في عضلات مضيفها حيث تنمو ليصل طولها إلى 1ملم ثم تلتف على
نفسها وتتحوصل، فإذا أكل إنسان لحم الخنزير المصاب انحلت الحويصلات في
أمعائه وتخرج منها الأجنة لتتطور في أمعائه إلى الديدان البالغة والدودة الشعرية
البالغة ليست الخطرة على الإنسان، لكنها تتزاوج في أمعائه وتموت الذكور،
ترقد الإناث الملقحة في جدران الأمعاء لتضع يرقاناتها بعد أسبوع واحد، تخترق
هذه اليرقانات جدر الأمعاء إلى الدم حيث تستقر في أي جزء من بدن الإنسان
محدثة ما يسمى بداء الشعريات الخنزيرية Trichinosis وهي تكثر في عضلات
الحجاب الحاجز للمصاب وفي حنجرته ولسانه وعينيه.
وتتميز المرحلة الأولى من المرض
باضطرابات معدية ـ معوية والإسهال الشديد، والحمى مع الضعف العام.
أما المرحلة الثانية والتي تظهر
بعد أنتشار اليرقانات في الجسم فكثيراً ما تكون قاتلة ومن أعراضها انتفاخ
الأجفان، وخزب تحت العينين، وآلام عضلية مبرحة، واضطرابات حركة العينين
وعضلات التنفس والبلع، كما يصاب بحمى قد تكون مستمرة مع عرق غزير وهذيان.
وإذا توضعت في السائل الدماغي الشوكي ظهرت أعراض التهاب الدماغ والسحايا .
وبعد تكلس تلك الحويصلات، تبدأ
المرحلة الثالثة بانتشار الارتشاح في الوجه والبطن والأطراف مع ضعف شديد
ووهن عام وطفوح جلدية ونزوف وضخامة في الطحال واضطرابات عصبية عقلية.
وتحدث معظم الوفيات بين الأسبوعين
الرابع والتاسع .
والمعروف أنه لا يوجد عقار نوعي
لداء الشعيرات والمشكلة الحقيقة هي الغذاء أوالحمى الرثوية يجعل التشخيص
صعباً ، وقد لا نتمكن من وصفه قبل الوفاة وفحص خزعة من الحجاب الحاجز.
داء التقرحات الوعائية المدارية :
يؤكد د. هانس هـ .ريكفيغ
(9) أن الدورة الدموية المحيطية قد تضطرب في ظروف مناخية خاصة نتيجة تناول
لحم الخنزير محدثة تقرحات مؤلمة على الساقين، وأن هذه الآفة انتشرت بين
الجنود الألمان أثناء الحملة التي قادها رومل في شمال أفريقيا .
ويروي د. ريكفغ كيف اكتشف زملاؤه
علاقة الإصابة بهذه الداء وبين تناول لحم الخنزير عندما وجدوا أن السكان
الحليين من المسلمين لا يصابون بها مطلقاً .
ورغم كل العلاجات التي قدمت
للمرضى فإن حالتهم لم تتحسن إلا بعد أن قدمت لهم حمية تشبه طعام السكان
المحليين وحذف لحم الخنزير بشكل نهائي، إذا كانت النتائج حينئذ باهرة.
ويرى الباحث المذكور أن لحم
الخنزير يعتبر العنصر الهام الأكثر سمية للإنسان فهو يضعف مقاومة الجسم
ويعرضه للأمراض، والمطعم الصحي الحقيقي هو الذي لا يستعمل أي جزء من لحم
الخنزير ولأن الذي يعتاد تناوله هو الذي سيدفع الحساب يوماً ما .
شهادات علماء الغرب بفضل الإسلام:
يؤكد د. عبد الحافظ حلمي محمد (6)
على فضل الإسلام على حماية أتباعه من أمراض الخنزير الوبيلة .
فالارتباط واضح بين انتشار
الشريطية المسلحة وما ينجم عنها كداء الحويصلات الخنزيرية وبين العادات
الغذائية لبلد ما والدين الذي يدين به قاطنوه.
وهكذا فإن Noble 1961 يؤكد أن دودة
الخنزير هذه تحدث عدداً كبيراً من الإصابات الدماغية سنوياً عند سكان
المكسيك الذين اعتادوا تناول لحم الخنزير، في حين يؤكد لاباج (1961) و
ولكوكس وماتسون في كتابهما عن طب البلاد الحارة أن هذه الدودة نادرة الوجود
في البلاد الإسلامية .
أما تشاندر وريد فيذكران في
كتابهما عن علم الطفيليات ما نصه : " أما في البلاد اليهودية
والإسلامية، حيث يعد أكل لحم الخنزير خطيئة دينية كبيرة فليس لهذا الطفيلي
أدنى فرص للبقاء، وهو دليل فاضح على فساد الأخلاق حين حدوثه...".
وعندما يتكلم نلسون (6) عن انتشار
داء الشعريات الحلزونية في دول أوربا وأمريكا فهو يتعجب قائلاً : " أما
العلة في إدماننا ـ نحن أهل العالم الغربي على أكل لحم الخنزير، فإنه لغز
محير، خاصة وأننا نذكر على الدوام بمخاطر ذلك ونحن نقرأ الكتاب
المقدس(مشيراً إلى الإصحاح الرابع عشر من سفر التثنية التوراة) .
أما اليهود الملتزمون وأتباع محمد
فإنهم مضوا في نفورهم من الخنازير وعدم استساغتهم لحمها فخلت جماعاتهم من
داء الشعريات الخنزيرية خلواً تاماً ..".
عدوى الخنازير: لعل أهم مصدر لعدوى الخنازير هي العطادة المتبعة من تربية
الخنازير على القمامة وعادة الخنازير الذميمة من التهاب الفضلات والنفايات،
إذ أن القمامة تضم بقايا خنزيرية مصابة حتى أن أحد الباحثين يسمي الدودة
الشعرية الحلزونية بدودة القمامة، وهكذا تجتمع الدودة مع الخنزير في القذارة
والرجس. وسبب هام آخر لاحظه بعض الباحثين، وهو أن الخنازير تصاب ايضاً نتيجة
أن بعضها يأكل أذيال بعض في المرابي المكتظة بها.
وتقوم الجرذان أو الفئران بدور
هام، فهي تصاب بالمرض إذا أكلت ما ينبذ من بقايا من لحوم الخنازير المصابة،
وتعدي الجرذان بعضها بعضاً لأنها تأكل لحوم بعضها البعض، حية وميتة، ثم
تنتقل العدوى إلى الخنازير إذا أكلت جيف تلك الجرذان في أكوام القمامة، وهكذا
تحدث دورات عدوى مختلفة من جرذ إلى جرذ، ومن خنزير إلى جرذ ومن جرذ إلى
خنزير ومن خنزير إلى إنسان.
هل يمكن توقي الأمراض التي تنقلها
الخنازير؟
يتساؤل البعض لم لا تربى الخنازير
تربية صحية نظيفة ؟ ولم لا تتخذ الوسائل لاكتشاف اللحوم المصابة وإتلافها؟
وإذا كان ذلك ممكناً في مكان وظروف معينين فهل يمكن تحقيقه في كل الظروف ؟
أوليس الأولى عدم المخاطرة وتجنب المهالك ؟ بل الحقيقة أن هذه الوسائل كلها
لم تكن مجدية في واقع الحال في أي زمان ومكان.
ويأتينا الدليل من الولايات المتحدة (6) حيث مستوى المعيشة فيها على ما نعلم
فبينما نرى أن أفقر قطر إسلامي قد نجا من هذا البلاء، فإنه يوجد في الولايات
المتحدة ثلاثة أمثالاً ما في العالم أجمع من الإصابات بالطفيليات الخنزيرية،
علماً بأن الإحصاءات غير دقيقة لأن الآفات لا تشخص سريرياً إلا إذا كانت
شديدة ومعظم الحالات لا تشخص إلا بعد الوفاة . وتجري في الغرب إجراءات شاقة
ومحاولات باهظة لوقاية الخنازير وآكليها من الديدان الشعرية الحلزونية
وغيرها.
ففي الولايات المتحدة التي يربى
فيها أكثر من مليون ونصف من الخنازير، جزئياً أو كلياً على القمامة،صدرت
قوانين تقضي بتعريض القمامة للبخار الساخن مدة نصف ساعة قبل تقديمها
للخنازير . ولكن ما هي نتيجة هذه الجهود الكبيرة؟
لقد قدرت الاحصاءات أن نحواً من
5% من خنازير بوسطن و18.5% من ذبائح متشيغان مصابة بهذه الآفة (ويلككس
وماتسون بار) .
أما اللحوم فإن معالجتها
بالكوبالت والسيزيوم المشعين يؤدي إلى إصابة الديدان الناشئة بالعقم مما
يمنع تكاثرها.
لكن هذا الإجراء دقيق وليس من
الميسور تطبيقه.
ثم إن التجميد السريع بالتبريد ثم
التخزين الطويل في درجات حرارة شديدة الانخفاض تقضي على الطفيليات الدقيقة
فيه.
وتقضي التعليمات الصحية في
الولايات المتحدة بخزن لحوم الخنازير التي تؤكل نيئة 20 يوماً كاملاً في
درجة حرارة 15 تحت الصفر. كما أن غلي اللحوم تقتل الطفيليات لذا يوصى بغليها
فترة تتناسب وحجمها : ومع كل هذه الجهود الشاقة والنفقات الباهظة فما تزال
الإحصاءات تشير إلى تلك النسب المرتفعة من الإصابة.
أوليس الأيسر بداهة هو تجنب تلك
اللحوم أصلاً ؟ ثم أينسى هؤلاء أن عملهم قد أحتاج قروناً طويلة ليكتشف عدداً
من الآفات التي يسببها أكل لحم الخنزير فمن الذي يجزم بأن هناك آفات أخرى لم
يكشف العلم النقاب عنها بعد ؟ أفلا تستحق الشريعة الإسلامية التي سبقت العلم
البشري بعشرات القرون أن نثق بها وندع كلمة الفصل لها نحرم ما حرمت ونحلل ما
حللت وهي آتية من لدن حكيم خبير؟ .
الآثار السلوكية (الخلقية )
التالية لأكل لحم الخنزير:
لقد أشار النبي صلى الله عليه
وسلم إلى أثر الطعام على خلق آكليه فقال :" والفخر والخيلاء في أصحاب
الإبل والسكينة والوقار في أهل الغنم " رواه الإمام أحمد في مسنده عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ويقول الفخر الرازي(3) : " قال أهل العلم ـ الغذاء يصير جزءاً من جوهر
المغتذي فلابد أن يحصل له أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلاً في الغذاء،
والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة في المشتهيات فحرم أكله لئلا يتكيف
بتلك الكيفية".
ويقول ابن خلدون(12) : "
أكلت الأعراب لحم الإبل فاكتسبوا الغلظة وأكل الأتراك لحم الفرس
فاكتسبوا الشراسة وأكل الإفرنج لحم الخنزير فاكتسبوا الدياثة " .
وحديثاً اختلف العلماء في أثر
الغذاء على الطباع والخلق، لكن ملاحظات كثير.
من العلماء قادتهم إلى اختلاف
الآثار الخلقية باختلاف نوع اللحوم المكثر من تناولها، وبأن لحم الخنزير
وشحمه له تأثير سيء على العفة والغيرة على العرض إذا داوم الإنسان على
تناوله (10) توصلوا في نهايتها إلى القول بأن نوعية الطعام تؤثر على شخصية
وسلوك الإنسان وتصرفاته.
وعن مقالة للدكتور الفنجري(11) يؤكد فيها أن الذين يأكلون لحوم الحيوانات
الكاسرة عادة ما تكون طباعهم شريرة، غير متسامحين، ويميلون إلى ارتكاب
الآثام والجرائم.
وإن أكل لحم الخنزير لابد وأن
يؤثر على شخصية الإنسان وسلوكه العام والذي يتجلى واضحاً في كثير من
المجتمعات الغربية حيث يكثر اللواط والسحاق والزنى وما نراه متفشياً من نتاج
تلك التصرفات من ارتفاع نسبة الحمل غير الشرعية والإجهاض وغيرها.
مراجع البحث :
1)
الإمام القرطبي في تفسيره" الجامع لأحكام القرآن "
دار الحديث ـ القاهرة 1994
2)
الإمام الدميري في كتابه " حياة الحيوان الكبرى".
3)
الإمام الفخر الرازي في تفسيره" زاد المسير في علم
التفسير".
4)
الإمام أبو الفرج الجوزي " زاد المسير في علم
التفسير".
5)
الإمام ابن كثير الدمشقي عن كتابه " تفسير القرآن
العظيم".
6)
الدكتور عبد الحافظ حلمي محمد عن مقالة " العلوم
البيولوجية في خدمة تفسير القرآن" مجلة عالم الفكر ـ المجلد 12ع ـ 4
الكويت يناير 1982.
7)
الإمام السيوطي عن كتابه " الدر المنثور في التفسير
بالمأثور .
8)
الدكتور فاروق مساهل عن كتابه " تحريم الخنزير في
الإسلام" لندن.
9)
الدكتور هانس هايترش ريكفيغ : الدين والعلم وتحريم لحم الخنزير
. ت. عدنان حلبي
10)
الدكتور أحمد جواد عن كتابه " الخنزير بين ميزان الشرع
ومنظار العلم " دار السلام 1987.
11)
الدكاترة أحمد بربور وزملاؤه : الطب الوقائي في الإسلام ـ دمشق
1992.
12)
الدكتور أحمد حسن ضميري : نظرات طبية في محرمات إسلامية ـ ج1ـ
دمشق 1995.
|
تعليقات
إرسال تعليق